عمر أحمو – ميدي 24
على إثر تداول خبر إلقاء القبض على رجل أربعيني اعتدى على ابنته جنسيا وتسبب في حملها نواحي مدينة ابن أحمد في إقليم سطات، تتبادر إلى الذهن الكثير من وقائع زنا المحارم التي سبق أن تناولتها وسائل الإعلام الوطنية، وكان المجتمع المغربي مسرحا لها.
ومعروف أن وقائع “زنا المحارم” في مجتمعاتنا المحافظة تتسم بالحساسية البالغة، ويتم التعامل معها في غالب الأحيان بتكتم شديد، لأن هذا الفعل لا يقبله عقل سليم ولا يستسيغه ضمير حي، والذين يُقدمون على ارتكابه يقطعون كل الصلات ويرمون بها من وراء ظهورهم، ويضربون بالإنسانية عرض الحائط، بلا رحمة ولا شفقة.
وفي كل مرة، أجدني أتساءل عن الأسباب والدوافع التي تدفع أبا في خريف عمره إلى اغتصاب ابنته، أو شقيق في مقتبل العمر إلى الاعتداء جنسيا على أخته، أو ما شابه ذلك من علاقات جنسية غير شرعية تفوح منها رائحة الدم والرحم!
وفي قراءة تحليلية لأسباب الظاهرة وحيثياتها، أرجع الدكتور أحمد طه شعيب في كتابه زنا المحارم وأثره على الفرد والمجتمع، دوافع الإقدام على هذا الفعل الشنيع، إلى عدة عوامل على رأسها فقدان التدين لدى الأفراد المُرتكبين لهذا الجرم، فمع ضعف الوازع الديني وكثرة الشهوات يُجر المرء جرا إلى هذه الجريمة الشنعاء.
ولم يغفل عن الإشارة إلى ما تلعبه العوامل الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، في بناء أخلاق الإنسان ومعتقداته. إذ أن أكثر الحالات يتم رصدها في الأماكن الأكثر ازدحاما والأكثر فقرا والأدنى في المستويات الاجتماعية، مقارنة مع ما يتم رصده في المناطق المتحضرة اجتماعيا واقتصاديا.
وأضاف الدكتور أن الإدمان وتعاطي الكحوليات من أقوى العوامل المؤدية لزنا المحارم لكونها تسبب حالة من الاضطراب الأخلاقي والعقلي لدرجة يسهل معها انتهاك كل الحرمات.
وإذا اجتمعت هذه العوامل وغيرها فالنظام داخل الأسرة سيسقط، وإذا امتد ذلك الأمر إلى مزيد من الأسر فذلك إيذان بانهيار المجتمع، ما يجعل التعجيل بدق ناقوس الخطر لإنقاذ ما يمكن إنقاذه فرض عين، فزنا المحارم مما يبغضه العقلاء من الناس وتستقبحه وتشمئز منه الفطر السليمة، فلا يقع فيه إلا فاسد الطبع منتكس الفطرة.