عمر أحمو – ميدي 24
في بعض الأحيان يحدث أن نقترب من ملامسة الذهب، مع كرة العرب والأفارقة، قبل أن يفاجأ الجميع بانهيار كل شيء في الأمتار الأخيرة! وفي كل مرة يحدث هذا، ندرك أن المشكلة لم تكن في الفوارق الفردية، ولا في الإمكانات، وإنما ما يحول بيننا وبين حصد اللقب وتقبيل الذهب هو غياب الإيمان بأنفسنا والتشكيك في قدراتنا على مقارعة عمالقة أوربا وكبار المستديرة، وكلما اتسعت المسافة بيننا وبينهم في أذهاننا، اتسعت على أرض الواقع.
وكان كسر هذا الاعتقاد أول ما يحاول أي ناخب يتسلم الكتيبة الوطنية فعله، ولا غرابة في فشل معظمهم في تحقيق ذلك، إذ أن الأمر في حقيقته مباراة ذهنية ضد منافس صعب، مباراة مغلقة ضد خصم يتغذى على الخوف وضعف الإيمان، وللأسف، فالرقعة العربية والإفريقية توفر له هذا الغذاء بكميات هائلة، بيد أن دوام الحال من المحال.
ويعتبر قدوم وليد الركراكي إلى المنتخب الوطني منطلق الأمل ومبعث التفاؤل، إذ ظهر -أخيرا – أحدهم على الساحة الكروية يعرف مكامن الخلل ولديه الحلول الناجعة لها، واستطاع إثبات ذلك في كأس العالم بقطر، حيث جعل الحلم ممكنا، وجعل المغاربة يغزون مدرجات ملاعب الدوحة، وأطلق عنان العرب في التعبير عن آمال التشبث بالبطولة، ولم يكتف بذلك فقط، بل غرس في نفوس أسود الأطلس روح الانتصار أمام الكبار، وحطم الهيمنة الأوروبية على الأحلام الكروية، وجعلها في يد من جد واجتهد وكافح.أسدل كأس العالم ستاره وفاز المنتخب الوطني بقيمة أسمى تُسمى الحلم، لم يكن ليفوز بها لولا مهارة رأس الأفوكادو الذي آمن بحظوظ مجموعته.
في قانون عالم المستديرة، مطلوب منك منطقيا ألا تضيع وقتك في الاحتفال بما أنجزته، لأن غيرك يستعد لنزع اللقب القادم بين عينيك، وهو الأمر الذي يعرفه الركراكي حق المعرفة، إذ ما أن أفلت أجواء كأس العالم حتى عاد المنتخب المغربي، إلى مواصلة تحقيق نتائج جيدة إذ فاز ودياً على منتخب البرازيل يوم 25 مارس من هذا العام بهدفين مقابل هدف واحد، قبل أن يكتفي بالتعادل أمام البيرو في ثاني لقاء ودي، استعدادا لفك العقدة التي استحكمت حلقاتها في وجه الكرة المغربية منذ سنوات طويلة، وذلك بالتتويج بلقب كأس أمم إفريقيا القادمة التي تستضيفها ساحل العاج مطلع السنة المقبلة.
وكان من الجميل أن روح الانتصار انتقلت بالعدوى، من الراكراكي إلى الكتيبة الركراكية ومن اللاعبين إلى الجمهور المغربي، فأصبح الآن الجمهور المغربي صغيرا وكبيرا، رجالا ونساء، على ثقة أن أسود الأطلس سيقفون بكل كبرياء وشموخ، ويبصمون بصمتهم التاريخية في كأس أمم إفريقيا القادمة كما فعلوا في كأس العالم، ولما لا التتويج باللقب، فكل المؤشرات تصب في ذلك الاتجاه.