لمحة عن السودان..
هي دولة عربية تقع في شمال شرق إفريقيا، يبلغ عدد سكانها نحو 48 مليون نسمة (تقدير 2022) وتبلغ مساحتها 1,861,484 كيلومترا مربعا مما يجعلها ثالث أكبر دولة من حيث المساحة في إفريقيا والعالم العربي، وتعتبر من الأقطار الشاسعة ذات الموارد الطبيعية المتنوعة كالأراضي الزراعية، والثروة الحيوانية والمعدنية، والغابات والثروة السمكية والمياه العذبة. ويعتمد السودان اعتماداً رئيسياً على الزراعة حيث تمثل %80 من نشاط السكان إضافة للصناعة خاصة الصناعات التي تعتمد على الزراعة.
وينعم السودان بثروات معدنية هائلة ومتعددة، ففيه خامات للحديد والنحاس والفضة والمنجنيز والكروم الذي يوجد معه البلاتين، وبه كذلك الرمال السوداء والذهب والرخام وغيرها من المعادن، ورغم كل هذا فالبلد يعيش في أسوأ حالاته، في حين أنه بلد غني حقا بل سلة غذاء لإفريقيا قاطبة، فإلى أين تذهب هذه الثروات؟ ومن الذي يحتكر عليها؟ وكيف لبلد غني جدا أن يتحول على أيدي أبنائه إلى قبائل تتحارب وبيوت تعاني الحرمان والفقر والضياع؟
بداية الحرب..
بعدما تقاسم الجيش وقوات الدعم السريع السلطة بعد انقلاب عام 2021 في السودان شاءت الأقدار أن تندلع حرب مفاجئة بينهما فجأة في 15 من أبريل الماضي بسبب خلاف حول الانتقال السياسي والدمج المتوقع لقوات الدعم السريع مع القوات المسلحة النظامية.
ومنذ انطلاق القتال بين القوتين العسكريتين في السودان، نزح الآلاف من السودانيين إلى دول الجوار، وخلفت الاشتباكات مئات من القتلى والجرحى، كما توقفت معظم المستشفيات في الخرطوم عن العمل، وتضرر القطاع الصحي بشكل كارثي ومهول، ويبقى السؤال الذي يفرض نفسه في كل مرة يرد على أذهاننا حال السودان هو من المسؤول الحقيقي عن الكوارث التي تلاحقه؟ في حين أننا نعلم أن عملية الهدم المباشر يتولاها أبناؤه لكن من يدير هذه الأزمات ويخطط لها في الكواليس ووراء الستار؟
الشبح القابع خلف الستار..
إن ما يزخر به السودان من ثروات قد يجعله محط أنظار وأطماع العالم أجمع، فيصعب في هذه الحالة تحديد المسؤول عن ما يعيشه السودان من خراب ودمار، ومن المحتمل أن هناك جزءا من الجنرالات يسرهم وضع البلاد إذ يراكمون منه ثروتهم على حساب دولتهم وشعبهم، ولا شك أن الأمر أيضا يشمل مصالح لدول عظمى في المنطقة تتعلق بثروات البلد، ولا ننسى أيضا تجار الحروب فلا يمكن أن لا تكون لهم يد في هذا الأمر وهو كله يصب في مصلحتهم ففيه يتاجرون بالأسلحة كما تهوى أنفسهم وتشتهي بلا رقيب ولا حسيب، والشيء المؤكد الوحيد من كل هذا أن الشعب السوداني لا يستفيد من شيء، ويبقى المستفيد من وضع الشتات والضياع والاضطراب في السودان قابعا خلف الستار.
السودان بين أنياب حرب دموية.. وحرب مادية
ليست الحرب الأهلية وحدها هي من تستنزف السودان فالبلد واقع تحت عقوبات أمريكية ويعاني الفقر والحرمان ففي صيف عام 1993، فوجئ السودانيون بوضع بلادهم ضمن القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب، بدعوى أن نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، “وفر ملاذاً لتنظيمات نفذت عمليات إرهابية” في تسعينيات القرن الماضي.
ولنحو 3 عقود، عانى السودان تبعات القرار الأميركي، بعد أن خضع لعقوبات اقتصادية صارمة، قيّدت تبادلاته التجارية، وتعاملاته المصرفية مع بنوك العالم، وألحقت بالخرطوم خسائر اقتصادية مؤثرة.
ومن أجل فك هذا الحصار تعهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، بحذف اسم السودان من القائمة، شرط دفع تعويضات تبلغ قيمتها 335 مليون دولار لذوي ضحايا بعض العمليات الإرهابية المذكورة في الاتفاق.
تداعيات الحرب على المنطقة وعلى دول الجوار
تتمثل إحدى تداعيات الصراع الحالي في السودان في الانتشار المتوقع للأسلحة بين الأطراف المتحاربة في أنحاء المنطقة، ما يجعل البلدان المجاورة لها في خطر محدق، وأبرز مثال على ذلك دولة التشاد التي قاست على مدار العقد الماضي، بسبب الأنشطة المدمرة للتنظيمات المتطرفة، مثل “بوكو حرام” والجماعات المنشقة عن تنظيم “داعش”، كما شهدت جمهورية إفريقيا الوسطى قتالا داخليا بين جماعات مسلحة، كما أن هذه الحرب ستؤدي بشكل كبير إلى اتساع محيط تجارة الأسلحة وأن وقوع هذه الأخيرة في الأيدي الخطأ من شأنه زعزعة استقرار المنطقة وتأجيج نار الصراع، ويمكن أن يؤدي النزاع إلى إحياء المنافسة على النفوذ في المنطقة بين روسيا والولايات المتحدة وبين القوى الإقليمية التي تتودد إلى قوى مختلفة في السودان.
موقف السودان من تدخلات الأطراف الدولية
في الوقت الذي احتدم فيه القتال، بين قوات الجيش السوداني، بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق حميدتي، سارعت الأطراف الدولية الغربية والعربية إلى محاولات لتهدئة الأجواء والتوصل لحل سلمي يرضي الكل غير أن الخارجية السودانية فضلت أن يبقى الأمر نزاعا داخليا وصرحت، في بيان لها يوم لإثنين 17 أبريل، بأن التوصل إلى التسوية المطلوبة في البلاد، هو شأن داخلي، ينبغي أن يترك للسودانيين، بعيدا عن التدخلات الدولية، ونقلت وكالة الأنباء السودانية عن وزارة الخارجية قولها ، إنها “تقدر جهود الدول العربية والإفريقية والمجتمع الدولي الرامية للمساعدة في تهدئة الأحوال في البلاد، إلا أنها تؤكد أن هذا الأمر “شأن داخلي”.