عمر أحمو – ميدي 24
في السنوات الأخيرة، أصبحت مشكلة عزوف الشباب عن الزواج واحدا من التحديات الاجتماعية الرئيسية التي تواجه مجتمعنا المغربي، وتعد هذه الظاهرة وليدة العصر، فهي لم تكن موجودة في أيام السلف، ولا حتى إلى عهد قريب، بل كان الزواج المبكِّر سِمة منتشرة وعلامة ميّزت المجتمع المغربي عن غيره من المجتمعات.. غير أن البلد قد تغيَّرت فيه الكثير من العادات والتقاليد، بفعل التقلبات والتحولات التي شهدها العصرُ الذي نعيش فيه.
يعزى هذا التراجع إلى عدة عوامل، بما في ذلك التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها المجتمعات في السنوات الأخيرة، والتي ترتبط بالتغيرات في النمط الحياتي للشباب، وكذلك العوامل النفسية والثقافية التي تؤثر على مواقف الشباب تجاه الزواج، فقديما كان الزواج أمراً ميسّراً من دون تعقيدات زماننا ومطالبه التي تثقل كاهل الشباب. أما اليوم، فقد اختلفت النظرة لقضية الزواج نتيجة اختلاف نمطية التفكير وغزو قيم وعادات جديدة مجتمعنا، كما أن واجب المسؤولية له وقعه في هذه الظاهرة، حيث يشعر الشباب بأن الزواج يعني فقدان حريتهم واستقلاليتهم. بالإضافة إلى ذلك، نجد مسألة الضغوط المالية، إذ يصعب على الشباب تحمل تكاليف الزواج والحياة المشتركة بشكل عام. كما يعتبر بعضهم أن الاستقرار المهني يجب أن يأتي قبل الزواج، ما يجعلهم يؤجلون هذه الخطوة، ويفضلون الاستمتاع بحياتهم بشكل فردي.
وتشكل هذه الظاهرة محل قلق كبير بالنسبة للعديد من الدول، حيث يتوقع أن تتسبب في تدهور مستقبل الأسرة بفعل تراجع معدلات الولادة وارتفاع معدلات الانفصال والطلاق، مما ينعكس سلبا على المجتمع بشكل عام.
يتعين على المجتمعات الاهتمام بمشكلة عزوف الشباب عن الزواج، والعمل على إيجاد حلول لتحفيز الشباب على الارتباط الأسري وتقليل العوائق القانونية والاجتماعية والاقتصادية التي تواجههم فيما يتعلق بالزواج، كما يجب أن يتم تشجيع الحوار المفتوح والصريح بين الشباب وأولياء الأمور والمجتمع، والحرص على توفير الدعم اللازم لهم لتحقيق الاستقرار المهني والمالي قبل الزواج، ولا بد من وجود جهود جماعية لتعزيز ثقافة الزواج والعائلة في المجتمع، من خلال توفير التوعية والتثقيف حول أهمية الزواج ودوره في بناء المجتمع والأمة.