ميدي 24 / هيئة التحرير
لم تسلم المجالس المنتخبة من محاسبة السلطات، إذ بدأت النيابة العامة معالجة قضايا تخص رؤساء ونواب رؤساء سابقين، بلغ عددهم 33 مسؤولا متابعا بتهم تتعلق بتبديد الأموال العامة والاختلاس، رغم انتهاء ولاياتهم منذ سنوات. وشملت هذه القضايا ملفات فساد معقدة تم توثيقها في تقارير صادرة عن المجلس الأعلى للحسابات.
وتضمنت الملفات التي تلقتها النيابة العامة تقارير مقلقة حول جماعات ترابية متورطة في اختلالات إدارية ومالية، خصوصًا في قطاع الصفقات العمومية. وأبرزت هذه التقارير مخالفات تتعلق بتبديد أموال دافعي الضرائب وسوء تسيير مرافق عمومية، مع غياب شبه كامل للرقابة الداخلية.
وأظهر المجلس الأعلى للحسابات اختلالات كبيرة في التدبير المفوض لخدمات النظافة بعد مراقبته مجموعة من الجماعات الترابية، وتركزت الملاحظات على غياب مخططات جماعية لتدبير النفايات المنزلية، رغم أن القانون رقم 28.00 يلزم الجماعات بإعدادها وفق توجيهات المخططات الإقليمية.
كما أشار التقرير إلى اعتماد دفاتر تحملات مختلفة عن تلك المصادق عليها من المجالس المنتخبة، وعدم توفير تجهيزات ضرورية، مثل شاحنات جمع النفايات، التي وصلت بعد مرور سنة على التعاقد، وعلاوة على ذلك، رُصد غياب رؤية متكاملة وإعداد غير مسبق للعقود الملحقة.
وشملت الاختلالات أيضا تأخر إبرام العقود، ضعف في دقة تحديد الحاجيات، ونقص في أنظمة الأرشفة والرقابة الداخلية، وأكدت تقارير المجالس الجهوية للحسابات أن الشركات المفوض لها لم تفِ بالتزاماتها، حيث تأخرت في توفير المعدات الضرورية، مثل الموازين الآلية وشاحنات الجمع، بينما عانت الخدمات المقدمة من أعطاب متعددة.
وفي محاولة للحد من هذه التجاوزات، تدخلت وزارة الداخلية عبر مرسوم جديد أصدره الوزير عبد الوافي لفتيت، ويهدف المرسوم إلى ضبط الشراكة بين القطاعين العام والخاص، مع تعزيز الرقابة على المشاريع المستقبلية، كما وضع معايير جديدة لإبرام العقود تشمل التقييم القبلي وشروط التأهيل المسبق لضمان التزام المفوضين بتنفيذ المشاريع وفق الأهداف المحددة.
وفي ظل تراكم الملفات وتفاقم الشكايات، تتجه الأنظار إلى مدى قدرة السلطات على محاسبة المتورطين بصرامة، ورغم تحرك النيابة العامة والمجالس الرقابية، يبقى السؤال الأبرز: هل ستتمكن هذه الإجراءات من إعادة الثقة إلى المواطنين وضمان تدبير شفاف ومتكامل للجماعات الترابية؟