ميدي 24 / هيئة التحرير
تعيش مخيمات تندوف واحدة من أسوأ فتراتها، إذ تتفكك بقايا تنظيم “بوليساريو” بسرعة واضحة، وسط حالة من الانهيار الشامل. لم يعد الأمر يتعلق باضطرابات عابرة أو توتر محدود، بل بانهيار تدريجي لمنظومة خداع استمرت لعقود، تأسست برعاية نظامي بوخروبة والقذافي، وها هي اليوم تلفظ أنفاسها الأخيرة.
قيادة “بوليساريو”، التي ظلت تزعم تمثيل الصحراويين، انكشفت حقيقتها بانشغالها بتأمين ثرواتها واستثماراتها في موريتانيا وإسبانيا وشمال الجزائر، فيما تركت المخيمات تواجه مصيرا غامضا، بينما يجد النظام الجزائري نفسه مضطراً إلى تحمل مسؤولية هذا الإرث الثقيل.
شباب المخيمات، الذين ضاقوا ذرعا بالأكاذيب والانتهازية، صاروا يرفضون رواية الانفصال الواهية، ولم تعد خياراتهم سوى بين البقاء رهائن لقيادة فاقدة للمصداقية أو المغامرة بحثا عن الحرية، تحت خطر رصاص الجيش الجزائري الذي يحاصرهم.
مع تصاعد هذا الرفض الشعبي، تنهار أيضا سردية “العقد الأخلاقي” بين القيادة وسكان المخيمات، بعدما تبين أن العلاقة التي كانت تقدم كتمثيل سياسي، لم تكن سوى ستار لحكم فاسد قائم على النهب والسيطرة.
فضائح تهريب الأموال واستثمارات القيادات في الخارج لم تعد أسرارا، بل صارت مظهرا طبيعيا لسلوك تنظيمي أدرك قادته أن نهايته باتت قريبة، فتحول إلى شبكة مصالح خاصة تعمل بمنطق العصابات العابرة للحدود.
مؤخرا، مرّ المؤتمر العاشر لاتحاد العمال الصحراويين مرور الكرام، دون صدى يذكر، في مشهد يلخص عزلة “بوليساريو” وفقدانها لأي قدرة على التجييش أو الإقناع، بعدما استنفدت كل أوراقها.
في النهاية، ما يحدث اليوم هو تصفية طبيعية لمشروع انفصالي مصطنع عاش على معاناة الناس، وتغذى بالأوهام والخطابات الجوفاء. ومع كل يوم، يزداد وعي الصحراويين بأن مستقبلهم الحقيقي يوجد في التنمية والكرامة التي يوفرها الاندماج الكامل في وطنهم، تحت السيادة المغربية.