ميدي 24 / هيئة التحرير
تحوّلت مدينة أكادير، خلال السنوات الأخيرة، إلى نقطة سوداء في خريطة الاستثمار بالمغرب، بعدما أصبحت تعاني من غياب شبه كلي للوعاء العقاري المخصص للمشاريع الاقتصادية والخدماتية والإنتاجية، ما يجعل عددا متزايدا من المستثمرين، سواء المحليين أو الأجانب، يصطدمون بعقبة صعبة بمجرد دخولهم عاصمة سوس بنية إطلاق مشاريع مدرة للدخل وموفرة لمناصب الشغل.
المعطيات المتوفرة تفيد بأن المدينة لم تعد تتوفر على عقار مخصص للاستثمار، وهو ما يدفع العديد من المستثمرين إلى العدول عن قراراتهم أو تحويل وجهاتهم نحو مدن أخرى، مثل طنجة ومراكش، حيث يجدون تحفيزات واقعية وتسهيلات ملموسة، وتُعزى هذه الأزمة إلى غياب رؤية واضحة لتنويع النشاط الاقتصادي بالمدينة، مقابل تغول المضاربين العقاريين الذين استفادوا من مساحات ضخمة من الأراضي بأثمان رمزية، حوّلوها إلى مشاريع إسكان صغيرة لا تواكب المعايير الحضرية، تُسوق بأسعار خيالية، أغلبها خارج الضوابط القانونية.
وإلى جانب هذا العائق الهيكلي، تواجه المدينة معضلة بيروقراطية مركبة، إذ يجد المستثمر نفسه رهينة مساطر إدارية معقدة، وتقاذف بين عدد من الإدارات، ما يؤدي إلى تباطؤ في معالجة الملفات الاستثمارية، بل وفقدان الثقة في المناخ العام للاستثمار بالمنطقة. وقد عجزت اللجنة الجهوية للاستثمار، رغم الاجتماعات المتكررة، عن مواكبة الملفات بشكل فردي وناجع، مكتفية بعرض أرقام عامة قد توحي بانتعاش اقتصادي، في حين أن الواقع يعكس نزيفا حقيقيا في رحيل مستثمرين وفشل مشاريع كان يُعوّل عليها.
وتبرز هذه الأزمة بشكل أوضح خلال اليوم الوطني للمهاجر، حين يعبّر عدد من مغاربة العالم عن تذمرهم من غياب العقار المخصص للاستثمار بالمدينة، دون أن تقابل شكاواهم بإجابات عملية أو حلول جذرية من طرف مسؤولي الجهة.
وفي ظل هذا الواقع، يواصل لوبي العقار وضع اليد على ما تبقى من العقارات الشاغرة، خصوصًا وسط المدينة، بتحويلها إلى عمارات سكنية، بدل مشاريع إنتاجية أو خدماتية. كما يلجأ بعض المنعشين العقاريين إلى حيل قانونية للالتفاف على التراخيص، إذ يتقدمون بطلبات لإنشاء مؤسسات تعليمية خاصة، قبل أن يُعيدوا تصفية المشروع وتحويله إلى عمارات سكنية، بعد الاستفادة من التراخيص وتغيير طبيعة العقار.
هذا الوضع يطرح تحديات كبيرة أمام مستقبل الاستثمار بالمنطقة، ويُحتم على الجهات المعنية التدخل لإعادة التوازن للمجال العقاري، ووضع حدّ للفوضى العقارية التي أصبحت تعيق كل مبادرة اقتصادية جادة بأكادير.