ميدي 24 / هيئة التحرير
عندما صعد عزيز أخنوش إلى رئاسة الحكومة، كان المنتظر أن يضع مصلحة الوطن فوق أي اعتبار، وأن يثبت أن حزبه قادر على قيادة مرحلة الإصلاحات الكبرى، لكن ما حدث هو العكس تماما، إذ تحولت الوزارات الحيوية إلى امتداد طبيعي لشركاته، وأصبحت المناصب الحكومية مجرد كراسي توزع على المقربين وفق منطق الولاء، لا منطق الكفاءة.
أبرز مثال على هذا الانحراف هو تعيين أمسن التهراوي وزيرا للصحة، الرجل جاء من إحدى شركات أخنوش، بلا تجربة سياسية ولا معرفة معمقة بملفات الصحة العمومية، كيف يعقل أن يعهد بقطاع مصيري وحساس، كالصحة، إلى شخص أقصى ما يملكه هو قربه من رئيس الحكومة، لا كفاءته ولا مساره في خدمة المجال؟
فضيحة أكادير تكشف العجز
الأحداث الأخيرة بمستشفى الحسن الثاني بأكادير عرت تماما هشاشة هذا الاختيار. احتجاجات الساكنة، صرخات المرضى، وانكشاف حجم الاختلالات في التجهيز والتدبير، كلها مؤشرات تؤكد أن الوزير مجرد واجهة ضعيفة، عوض أن يقدم حلولا، وجدناه يتخبط في الارتجال، حتى اضطر إلى إعفاء مسؤولين وإلغاء عقود شركات، في محاولة لامتصاص الغضب الشعبي. لكن السؤال الجوهري يبقى: من يحاسب الوزير نفسه على فشله؟
قطاع الصحة ليس مختبرا للتجارب
المنظومة الصحية في المغرب تعاني منذ سنوات: خصاص مهول في الموارد البشرية، ضعف البنيات التحتية، عجز في التمويل، وتفاوت صارخ بين المدن والقرى، عوض أن يضع أخنوش على رأس الوزارة شخصية وازنة بخبرة وطنية أو دولية في إصلاح المنظومات الصحية، اختار أن يسلم الملف لمقرب من عالم الشركات، وكأن الأمر يتعلق بتسيير مقاولة صغيرة، لا بقطاع يمس حياة ملايين المغاربة.
منطق الشركة يهدد الدولة
ما يحدث مع وزارة الصحة ليس حالة معزولة، بل يعكس فلسفة عامة في تدبير حكومة أخنوش، فالوزارات التي بديرها حزب التجمع الوطني للأحرار تحولت إلى “أقسام” داخل شركته الكبرى، كل وزير يؤدي وظيفة الولاء قبل وظيفة الخدمة العامة، وعندما يحتج المواطنون أو تنفجر الفضائح، لا نجد سوى تبريرات باهتة وقرارات ترقيعية لا تمس جذور الأزمة.
أخنوش بهذا النهج يضعف الدولة ويهين المواطن، أمين التهراوي ليس سوى مثال صارخ لفشل تعيينات مبنية على القرابة السياسية والاقتصادية، فالمغرب يحتاج إلى وزراء رجال دولة، لا موظفين في شركة خاصة، وإذا استمر هذا المنطق، فإن الثمن سيدفعه المواطن البسيط الذي يقف في طوابير المستشفيات، بحثا عن حقه في العلاج والكرامة.